فقدت الرياضة التونسية يوم 21 أوت 2020 أحد أنجب أبنائها وأمهر لاعبي كرة القدم في البلاد. حمادي العقربي النجم السابق للكرة التونسية ترجل لكن أثره في قلوب من عاصره لم يمح وصدى مسيرته لدى من سمعوا عنه لم يزل.
حمادي العقربي ( مارس 1951 – أوت 2020) الناشئ في أحياء مدينة صفاقس وبين أسوار ناديها هو اكتشاف أجنبي من المدرب اليوغسلافي ميلان كريستيك سنة 1963 الذي نصح بالاهتمام بموهبته وتنبأ له بمسيرة قوية في ملاعب كرة القدم.
بعنفوان صبي يافع أخذ حمادي العقربي يتدرج بين الفئات السنية للنادي الصفاقسي ويخطف أنظار الجماهير ليكون صعوده إلى الفريق الأول يوم 5 أفريل/أبريل عام 1970 حدثا استثنائيا في صفاقس، فسرعان ما نضجت موهبته وأضحى ينثر سحره على معشب ملعب الطيب المهيري. لاعب فنان مراوغ وممرر بارع وهداف من طينة الكبار ملك قلوب المشجعين وأرهب منافسيه.
مع السي أس أس (اختصار النادي الصفاقسي) توج حمادي العقربي بثلاث بطولات محلية مواسم 1970 – 1971 و1977 – 1978 و1982 – 1983، إضافة إلى كأس تونس عام 1971 وتجربتين احترافيتين ناجحتين في السعودية ثم الإمارات توجهما ببطولة الإمارات مع فريق العين عام 1981.
كما استأثر الرقم 8 بأول هدف تونسي في المسابقات القارية عندما سجل في مرمى الزمالك المصري عام 1984.
قائد الجيل الذهبي
سنوات الإبداع مع النادي الصفاقسي لم يستمتع بها جمهور صفاقس فقط، كان على العقربي تصدير فنياته إلى كافة محبي الكرة في تونس عندما دُعي لتمثيل المنتخب التونسي عام 1971 في سن 20 عاما، فلبى النداء وأدى الواجب.
في المنتخب التونسي كما في ناديه الأم عاصر العقربي أجيال مختلفة بين بداية السبعينيات وأواخر الثمانينيات ولم يخفت بريقه حتى اعتزل الكرة عام 1989، فسمي بـ “ساحر الأجيال” أو “ساحر الجيلين”.
كان حمادي العقربي محظوظا عندما عاصر جيلا مميزا للكرة التونسية في السبعينيات وكون معه منتخبا رائعا كان ثمار عمله تأهل تاريخي إلى المونديال للمرة الأولى بالأرجنتين عام 1978 ثم تحقيق انتصارا مبهرا على المكسيك بثلاثية، وكان العقربي من بين المساهمين في إنجازات الجيل الذهبي.
على الملاعب الأرجنتينية قدم الفتى الخجول كرة قدم رائعة أبهرت الحاضرين ولفتت إليه أنظار الفرق العربية إلى جانب كل من طارق ذياب ومختار ذويب والراحل محمد علي عقيد وغيرهم.
خاص العقربي أكثر من 40 مباراة دولية ناحتا اسمه بحروف الذهب في تاريخ المنتخب التونسي كأيقونة رياضية لا تنسى.
يليق به حب الجميع
لم يكن حمادي العقربي لاعبا فذا فحسب، بل أيضا شخصية مميزة حظيت باحترام الجميع، فالإجماع على حب العقربي لم يحظ به لاعب بعده، رغم وجود عدة لاعبين مميزين على جميع المستويات.
في “عصر” العقربي كانت الجماهير المنافسة للنادي الصفاقسي تتحول إلى الملاعب خصيصا لمشاهدة ما يقدمه حمادي، فهو الذي يصفق الجميع لأجله وهو الذي رُفع على الأعناق في ملعب المنزه بالعاصمة ورفعت صوره في ملعب سوسة.
بعيدا عن الملاعب اعتزل “ساحر الأجيال” كرة القدم وملاعبها، فلم يختر طريق التدريب أو التسيير الرياضي ولم يتصدر المنابر الإعلامية، فتوارى عن الأنظار لسنوات ولا يُذكر بخير إلا عند الحديث عن المنتخب التونسي في تحدٍ جديد، حتى توفي متأثرا بمرضه عن سن 69 عامًا.
قد يكون أفضل تكريم لحمادي العقربي صورته لدى جماهير كرة القدم وسمعته الطيبة بين الناس، لكن تسمية أكبر ملاعب تونس باسمه “ملعب حمادي العقربي برادس” وتصميم تمثال خاص به وسط مدينة صفاقس، جانب من الاعتراف بالجميل لـ “سي حمادي”.