يحيي مواطنو مدينة صفاقس بتأطر من جمعية الحاجوجة اليوم 14 جانفي ذكرى إحدى أبرز الملاحم النضالية في تاريخ المدينة هي ذكرى الحاجوجة أو الإنتصار على النورمان المحتلين ومن أجل ترسيخ و تأطير الاحتفالات الشعبية التي تقام بالمناسبة كانت ثلة من أبناء الجهة قد بعثت جمعية تحمل اسم ” جمعية مهرجان الحاجوجة بالشيحية ” ,وتمكنت في وقت وجيز من تحقيق أهم الأهداف المتمثلة في التعريف بالملحمة وتحويل يوم 14 جانفي من كل سنة الى يوم احتفالي راسخ في أجندة عدد هام من المواطنين اضافة الى مسرحة حدث انتصار سكان صفاقس على النرمان ضمن مشهد احتفالي تتجلّى من خلاله محطات من تاريخ المدينة الملحمي وعناصر من تراثها المادي واللامادي. وتنظيم ندوات فكرية للعودة إلى الحدث التاريخي في مختلف أبعاده وبيان قيمته في ذاكرة ساكني المدينة وما بقي منه في الموروث الشفوي.

لمحة عن تاريخ ملحمة الحاجوجة وانتصار صفاقس على النورمان

احتل النرمان صفاقس سنة 1148 ميلادي بعد اعتقال القائد أبو الحسن الفرياني وأسره في جزيرة صقلية والسيطرة على المدينة وحكمها بقوة الحديد والنار وتجريد سكانها من كل ما يمكن توظيفه لمقاومتهم حتى أنهم منعوا استعمال السكاكين في المنازل وخصصوا واحدة في كل ركن من أركان المدينة يحرسها جندي ويتداول سكان المدينة على اسخدامها عند الحاجة
هذه الوحشية في التعامل مع الأهالي زادت في إرادة المقاومة لديهم فكان اجتماع الحامع الكبير بقيادة عمر الفرياني نقطة انطلاق الملحمة وابتكر رجال المقاومة الصفاقسية سلاحا يسمى “بالزاغة” وهو سكين مخبأ أسفل عكاز وشرعوا في صنع المائات منها وقاموا بإحصاء عدد المشاركين في المعركة الحاسمة بطلب حبات فول من البيوت يكون عددها حسب عدد القادرين فيها على حمل السلاح
ومن أجل تنفيذ الخطة اتصل عمر الفرياني بالقائد النورماندي وأقنعه بالموافقة على مشاركة سكان المدينة في احتفال رأس السنة العجمية الموافقة ل14 جانفي والمتزامنة مع دخول الليالي السود ونصف الشتاء وفي تلك الليلة خرج الصفاقسيون للسهر في باب الجبلي والتظاهر بمشاركة النورمان أفراحهم وعندما ظهر مفعول الخمر على الجنود المحتفلين انقضوا عليهم بسكاكينهم المخفية في العكاكيز التي كانوا يستعملونها في الرقص وأردوهم قتلى وبذلك تحقق النصر وتم تحرير صفاقس و لإحياء هذه الذكرى دأب سكان المدينة على اعداد ”“الرفيسة” وهي عبارة عن كسكسي مفور مع التمر والتوابل


تسجيل الحاجوجة ضمن التراث اللامادي الوطني


كان المعهد الوطني للتراث قد سجل منذ سنوات الحاجوجة ضمن القائمة الوطنية للثراث اللامادي وتعمل جمعية مهرجان الحادودة على دعم ملف تسجيل الحاجوجة ضمن التراث العالمي
وجاء في بطاقة الجرد الخاصة يالحاجوجة للمعهد الوطني للتراث التي حررتها بامتياز الباحثة المتألقة بذات المعهد سهام القلال أن الحاجوجة هي ليلة نصف الشتاء حسب التقويم الأعجمي بما يوافق الليلة الفاصلة بين 13 و 14 جانفي
وتقترن هذه الليلة في العرف التقليدي لعدد من متساكني مدينة صفاقس باجتماع” السبعة فصول”
وهي خروج “الليالي البيض” ودخول “الليالي السود” وخروج “اينار” ودخول “فرار” وانتهاء النصف الأول من الشتاء ورأس السنة الأعجمية. تتزامن هذه الليلة مع ذكرى انتصار سكان صفاقس على نرمان صقلية الذين احتلوا المدينة
وتحتفل بالمناسبة عدد من عائلات مدينة صفاقس بطبخ الفول الذي يسمى طبق الحاجوجة. ويقترن إحياء ذكرى الحاجوجة بطبخ الفول لأنّه الأداة التي اعتمدت لإحصاء عدد القادرين على حمل السلاح في وجه العدو النرماني. وأصبح طبق الحاجوجة على مرّ القرون والأعوام طبق مناسباتي له صبغة احتفالية ورمز وحدة الجهة. وتواصل إلى اليوم هذا اللون من الطعام في الثقافة الغذائية لدى بعض العائلات من سكان صفاقس دلالة على معنى القدرة على المواجهة.
وقد ذكر هذا الاحتلال وما عقبه من انتصار ابن الأثير في الكامل والتجاني في رحلته ومقديش في نزهته
واصطبغت الأحداث التاريخية لهذه الملحمة بأبعاد الحكاية الشعبية وأصبحت منذ قرون خلت خرافة حملت أيضا اسم “الحاجوجة” حفظتها الذاكرة الجمعية المحلية ويرويها الأجداد إلى الأحفاد في ليلة نصف الشتاء. وبقي ذكرها إلى اليوم متوارثا لدى بعض من كبار السن.


المكونات وطريقة إعداد أكلة الحاجوجة والرفيسة


تبدأ بإعداد الفول حيث يتوجّب إحضار كميّة وافرة من الفول الكبير الحجم “الدقّاش” يتمّ تنقيعها ليلة كاملة مع الليمون في قدر كبير ومن الغد يوضع الفول في الماء لطبخه إلى حدّ الغليان على نار هادئة مع إضافة التوابل والبهارات مثل الكمون والهروس فضلا عن زيت لزيتونة. ويستهلك هذا اللون الغذائي صباح اليوم الأول من السنة الجديدة. وتؤكل كل فولة بعد غمسها في الملح ودقيق الكمون كما يحبّذ تناول بعض حبّات من الفول مع قطع من خبز الجرادق والهريسة.
هذا وقد برزت أكلة ثانية تعد الى جانب الحاجوجة تسمى المريسة ويطلق عليها أيضا اسم الرفيسة تتكوّن من الكسكسي والتمر المطحون ومسقّى بزيت الزيتونة ,يضاف إليه اللوز المجروش وقشور الليمزن المطحون وحبات الزبيب