تنبع سعادة الإنسان و راحته من قدرته على التكيّف مع البيئة المحيطة و الأشخاص ليُشبع حاجاته :عليه أن يتفاعل إيجابيا في علاقاته …. أمّا الأشخاص الذين يُعانون من الخوف من النّاس … فستكون لديهم مشكلات في الإنسجام ممّا يؤدي إلى عدم شعورهم بالسّعادة أو مُمارسة حياتهم اليوميّة بشكل طبيعي و أداء مهمّاتهم كما يجب …. فالرّهاب الإ جتماعي :يسمّى أيضا القلق الإجتماعي هو مرض مزمن و خجل مبالغ فيه .!! ممّا يؤدي بصاحبه إلى الإنسحاب من الحياة الإجتماعية و ربما من مهمّاته الإعتيادية تُرافقه مشاعر الإحباط و خيبة الأمل و التّوتر و عدم الشعور بالمسؤولية …. و هنا السؤال الذي يفرض نفسه : ماهي أسباب الهروب من المواجهة؟؟؟ هناك مجموعة من الأسباب لتفسير هذه المشاعر … *الأسباب الوراثية :أي أحد أفراد العائلة يُعاني من هذه الحالة. * الشعور بعدم الأمان العاطفي خاصة لدى الطفل ..إذ لا بد من زرع الحب و الحنان و التقدير كي لا يفقد الثقة بالنّفس .. *السّخرية و النقد المستمران للطفل و إهانته بحجة تهذيبه و تعديل سلوكه ..و بهذا يتجنب المواقف الإجتماعية :خوفا من التّعرض للسّخرية و النقد!!! *النّمذجة :حيث يتعلم الأطفال التصرف عن طريق التقليد دون وعي أو نقد أو تأمل أو تفحص. *التجاهل و عدم الإهتمام الكافي … فينسحب الشخص تدريجيا .. و يتردد في التعبير عن رأيه .. و يعيش التطرف فيُحسّ بالغربة الرُّوحية و عدم الأمان داخل الإجتماعات فتُلاحظ أعراضا جسدية عليه :احمرار الوجه …التعرق المفرط… سرعة ضربات القلب …صعوبة في الكلام . خلاصة القول إن مُعظم الشخصيات التي تهرب من المواجهات !!مُشكلاتها أنها لا تُحب النّقد و تتأثر بشكل جلي و على النقيض هي تُحب المدح و التّجمل أمام الآخرين … من ثَم فهي تبتعد عن مواطن الإستهداف فتنفصل عن المجتمع و تعيش الإنطوائية !!

فما أجمل الإنفتاح و التفسح بداخل ذواتنا بحريّة حان الوقت لننطلق نحو السماء كالطير أتعبه القفص !! و ما أروع أن نتخذ هُدنة و لو دقائق و نواجه ذاتنا بحقة و شفافية .. لطالما سمعنا عن الشجاع الذي لا يهاب المخاطر و يسعى قدما صوب أهدافه دون أن يمنح الإستسلام سبيلا إلى قلبه .. ذاك الشخص لا يقبل الهزيمة مهما كان الثمن .. فيواصل النهوض حتى لو سقط و يظل يتقدم إلى الأمام مهما اعترضته العقبات و الصعوبات .. لكن في المقابل لا بُدّ أنّك سمعت القائل “الهروب نصف الشجاعة ” فأيهما أصح؟ و بعض الأحيان الإنسحاب من المواجهة ربما شجاعة بل ذكاء و حفاظا على ماهو أجمل .. إن ّ أقصر السُّبل إلى حل المشاكل .. هو المواجهة … و الوضوح ! ! و قد تكون الحقيقة قاسية ..لكنّها أرحم من التّخفي .. قد يكون الوضوح مؤلما لكنه أقل ضررا من التّجاهل و اللامبالات .. إذن علينا أن نختار معاركنا بذكاء .. و أن لا ندخل مواجهة عن عناد فقط.. ونحن نعلم أن نتيجتها الخسارة. . فهذا نوع من الغباء !! قد يكون الفرار لعدم الإستعداد أو عدم الرغبة في خوض نقاش عقيم .. سقيم .. فليس كل منسحب جبانا .و لا كل ثابتا شجاعا . .. بعض الإنسحاب شجاعة .. و بعض الثبات جبن .. فالإعتذار .. انسحاب من ساحة الظلم .. و الإصرار على الأذى ماهو إلا ثبات على الباطل !!!!

لا أخفيكم سرّا أني أحترم و أُقدر أولئك الأشخاص الذين يملكون الجرأة لمغادرة القطار ما دامت وجهتهم خاطئة و أتألم بحُرقة على أولئك الذين يستمرون و هم يعلمون أن نهاية الطريق ،،ماهي إلا فشل و خُذلان …!!! فنحن كل يوم نتخذ العديد من القرارات منها ماهو بسيط لا يحتاج كثير التفكير و منها ماهو مصيري .. قد يُكلفك جهدا ..عمرا .. مالا.. عوطفا.. أحاسيسا.. و هنا بيت القصيد فمِمّا لا شك فيه أن التّأني في اتخاذ القرار ..حكمة و دراسته من جميع زواياه فطنة .. و المضي فيه يحتاج أن نُدرك حجمنا و حدود قُدراتنا .. و أن نقبل أنفسنا كما هي و لا نُكلفها ما لا تطيق !!! أيها القارئ لا تُهدر عمرك وأنت تحاول أن تثبت لمن حولك أنّك “تستطيع” فالعمر كنز ثمين لا تضيعه لتبيّن للآخرين أنّك بطل خارق !! فتلك العلاقة التي تُؤذيك .. تُحطمك كل يوم … هي تملأ قلوبنا باليأس و الشك .. فبعض العاهات لا دواء لها إلا البتر !! رغم أنه مؤلم رؤية الجسد ناقصا .. و ليس بالمنظر الذي تُحبّه العيون .. لكن الطبيب يختاره مكرها لأن الكل أهم من الجزء … لذا إعذروني عندما اقطعوا مثل هذه العلاقات السّامة لأحافظ على سلامي الداخلي .. و أخيرا و ليس آخرا لا تبتئس بل استجمع شجاعتك و انسحب مرفوع الرأس و خذ إستراحة مُحارب بعد معركة شرسة !!!…..