كانت جل شوارع مدينة صفاقس تحتضن قاعة للعروض السينمائية وكان المتجول في باب بحر يجد عديد الخيارات ليقضي أمسية أو سهرة ممتعة في احدى القاعات مرورا بسينما الكوكب فالراكس وبغداد والكوليزي والأطلس و المسرح البلدي وغيرها من الفضاءات الثقافية غير أنه وبعد سنوات المجد سار الوضع منذ حوالي ثلاثة عقود نحو الانحدار بعد أن أغلقت عديد الفضاءات أبوابها لتتحول الى محلات تجارية أو الى خراب تعشش فيه الغربان وانحصر عدد القاعات في الكوكب والكوليزي و المسرح البلدي الذي كان يخصص حيزا هاما من نشاطه لعرض الأشرطة السينمائية غير أن قاعتي الكوكب والكوليزي أغلقت أبوابها منذ مدة طويلة للقيام بالصيانة وانجاز مشروع لمجمعين سينمائيين وثقافيين متكاملين لكن الأشغال لم تكتمل وبقيت تراوح مكانها لانعدام الدعم

لازلنا نفقد إلى اليوم الى قاعات السينما، فلا شيء يبشر بغد أفضل من غير المقبول أن تكون مدينة المليون ساكن دون سينما ، من غير المقبول أن يكون ماضي هذه المدينة أفضل من حاضرها، السينما لا يقل أهمية عن المستشفى أومركز الشرطة …

البنية التحتية الموجهة لشباب محتشمة جدا، وفي المجال الفني هي شبه منعدمة بإستثناء المسرح البلدي والمركز الثقافي محمد الجموسي اللذان لا يعرضان الافلام بصفة منتظمة

عدم وجود قاعات عروض سينمائية لا يخدم أحد سوى الفكر المتطرف والفكر العدمي، وبالتالي وجب على الوزارة المعنية والسلطات المحلية أن تتعامل مع المدينة بمنطق التمييز الإيجابي

وما يحز في النفس أن هذه المدينة أنجبت ممثلين محترفين يستمتع الجميع بإبداعاتهم و مشاهدتهم على الشاشة الفضية

** الصورة المصاحبة

سينما النور أو (الكوليزي):

يعود إنشاء سينما النور بصفاقس إلى بداية الخمسينات من القرن الماضي وتحديدا فترة الكفاح المسلح الذي شنه المواطنون ضد المستعمر.

صاحب الفكرة كان المغفور له “مصطفى النوري” أحد أفراد عائلة النوري المعروفة صفحة صفاقس ايام زمان والتي كانت مستقرة في محيط مقام جدها “سيدي علي النوري ” بقلب المدينة العتيقة.

وقد حرص “مصطفى النوري” من منطقيته الصادقة إلا أن يثبت على واجهة السينما لافتة حمراء صيغت بأحرف عربية بارزة أحيطت بأنبوب كهربائي أبيض فغدت تختزل العلم التونسي سيما وأنها كانت الوحيدة التي كتبت بالعربية …. في الحي الافرنجي.صفحة صفاقس ايام زمان

واسند “مصطفى النوري ” إدارة سينما النور إلى المسرحي “علي المكي” فيما عين لبيع التذاكر وجها رياضيا معروفا في ذلك الوقت ألا وهو “مصطفى الجلولي ” حارس مرمى (النادي الصفاقسي).

واختصت قاعة سينما النور في عرض الأفلام المصرية في ما كانت معظم القاعات الأخرى لا تعرض إلا الأفلام الفرنسية والأمريكية.